alkarkariya.com

يقول سيدنا الشيخ محمد فوزي الكركري قدس الله سره :

قال تعالى: "و لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم"

وسعه سبحانه ليس وُسع مسافة — حاشاه — سبحانه، إذ هو بلا مكان و لا زمان و لا يخلوا منه مكان و لا زمان فرغ من الأشياء و لم يفرغ منه شيء لا هو متصل بالأعيان و لا منفصل عنها، لذالك كانت حقيقة التوجه إلى حضرته ليس توجه جهة أو أين، و إنما توجه استقامة و توحيد فهو كل الأين و هو اللا أين و قيل في المعنى :

رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت من أنت قال أنت
فليس للأين منك أين *** و ليس أين بحيث أنت
أنت الذي حزت كل أين *** بنحوي لا أين ثم أنت
ففي فنائي فنا فنائي *** و في فنائي وجدت أنت

فأينما توجهت فهو قبلتك، ألا ترى أنك ترى القمر في أي جهة توجهت، و الحبيب عليه الصلاة والسلام قال "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا" [صحيح البخاري]

فجمع عليه الصلاة والسلام بين الصلاة و رؤية الحق، إذ الصلاة نور، و الحق جل وعلا نور السماوات و الأرض، و القمر مظهر اسم المنير، أي من كانت له نضرة الأنوار في صلاته و التي هي الصلة بينه و بين ربه حتى انمحت له الأغيار و اندكت الرسوم و الآثار و ما بقى له إلا نور الرب الغفار فهذه الصلاة في العاجل بشارة الرؤية في الآجل

و حتى يتضح المعنى أكثر، اعلم أن نور الحق جل وعلا يجمع العاجل بالآجل فمن قال بأن نور الحق لا يُرى في الدنيا فقد حيز الحق بالزمن إذ جعل له زمن متى يُنظر و هو يوم المزيد..."

[كاف الأستار لما في هاء الجلالة من أسرار]